الخميس، 4 يونيو 2009

الشفــاعة ( اقتباس من كتاب الشفاعة : أقسامها ، شرطها ، أسبابها ، شبهات / تأليف محمد بن عبدالله الهبدان )

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ساتر المعائب ، وغافر الشوائب ، وراحم التائب ، وموقف الطالب ، وماتع الحاضر والغائب ، رافع السماء ومزينها بزينة الكواكب ،ومدبر حركات سيرها في الطوالع والغوارب ، وساطح الأرض على الماء باختلاف المسالك والمذاهب ، ومودعها بحكمة لطائف الحِكم وغرائب العجائب ، وأصلى وأسلم على سيدنا محمد المخصوص بأرفع المنازل وأشرف المناصب ، صلاة دائمة ما لمع نجم طالع وخفي بسير غارب أما بعد:
فهذا بحث ؛ يسيرةٌ أوراقه ، قيمة ثمراته ، يعالج قضية حساسة ، يدندن حولها عباد القبور ، في كل زمان ومكان ،وهي مسألة الشفاعة ، فأحببت أن أكتب نبذة فيها لينتفع بها من شاء الانتفاع ، ويحوز خيرها من رغب الاستطلاع ، وحاولت جاهدا عدم الإكثار في نقل كلام العلماء الأبرار ؛ لأن الغاية هي إيصال فكرة عامة لإخواني الأخيار ،وأخذ تصور عام عن أبعاد هذه المسألة التي ضل فيها الكفار ، وتعلق بها أصحاب البدع الأشرار ، ثم من رغب في الزيادة فليرجع إلى المراجع التي أحلتها في الهوامش فسيجد فيها بغيته وزيادة ، والله أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها ومن ساهم في نشرها وأن يجعلها خالصة لوجهه ، موجبة للفوز بجنته إنه سميع مجيب والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه
محمد بن عبدالله الهبدان

أولاً : تعريف الشفاعة
* لغــة: مصدر من الشفع ضد الوتر
* اصطلاحاً: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة .([1])
مثال جلب المنفعة : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة بدخولها .
مثال دفع المضرة : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن استحق النار أن لا يدخلها .
الألفاظ المرادفة للشفاعة : الوسيلة ، والطلب .
``
ثانياً : أركان الشفاعة :
1- الشافع . 2- المشفوع له .
3- المشفوع عنده . 4- المشفوع فيه ( موضوع الشفاعة )
``
ثالثاً: شرط قبول الشفاعة في المشفوع له

: أن يكون من أهل التوحيد ، لحديث أبي هريرة قلت : يا رسول الله : من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال : ( من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه )[2].([3])
``
رابعاً : أقسام الشفاعة : تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : شفاعة منفية : وهي التي تطلب من غير الله ، فيما لا يقدر عليه إلا الله .وهي التي عناها القرآن بقوله : ((فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ )) ( المدثر : 48) . ([4])

القسم الثاني : شفاعة مثبتة : وهي التي تطلب من الله تعالى . وهي ما توفرت فيها الشروط التالية :
` شروط الشفاعة المثبتة :
1- إذن الله للشافع أن يشفع : قال تعالى: ((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)) ( البقرة : 255) .
2- أن يرضى الله عن الشافع : قال تعالى: ((وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ))
3- رضى الله عن المشفوع له : قال تعالى: ((وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى )) ( الأنبياء : 28) .([5])
` والشفاعة المثبتة تقسم إلى قسمين :
القسم الأول : شفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهي على عدة أنواع :([6])
* الشفاعة العظمى لفصل القضاء : لما جاء في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، منها حديث أبي هريرة وفيه : ( فيأتون ، فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله ، وخاتم الأنبياء ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجداً لربي عز وجل ، ثم يفتح الله عليّ ، ويلهمني من محامده ، وحسن الثناء ليه ما لم يفتحه على أحد قبلي ، فيقال : يا محمد ارفع رأسك ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقال ك أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب ) الحديث .
* الشفاعة في استفتاح باب الجنة لأهلها: ما رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ )([7]) .
* شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب : لما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: ( لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ([8]) مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ )([9]) .
قال القرطبي في التذكرة بعد ذكر هذا النوع : فإن قيل : فقد قال تعالى : ((فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ )) ( المدثر : 48) ؟
قيل له : لا تنفعه في الخروج من النار كما تنفع عصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة .([10])
القسم الثاني : شفاعة عامة لجميع من يرضى الله تعالى له بالشفاعة أن يشفع ، وهي على عدة أنواع :
* الشفاعة في أهل الكبائر من الموحدين : والأحاديث الدالة على خروج الموحدين من النار متواترة فمنها : ما رواه البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْر)([11]) وما رواه الترمذي وغيره عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي )([12])
* الشفاعة في رفع درجات المؤمنين : وهذه تأخذ من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض كما قال صلى الله عليه وسلم في أبي سلمة رضي الله عنه : (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ ) ([13])
* الشفاعة في أقوام قد أُمر بهم أن يدخلوا النار أن لا يدخلوها : وقد يستدل لها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ )[14]. وذكر ابن كثير في كتاب النهاية حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أمر بقوم من أمتي قد أمر بهم إلى النار ، قال : فيقولون : يا محمد ننشدك الشفاعة ، قال : فآمر الملائكة أن يقفوا بهم ، قال : فأنطلق واستأذن على الرب عز وجل فيأذن لي فأسجد وأقول : يا رب قوم من أمتي قد أمر بهم إلى النار ، قال : فيقول لي : انطلق فأخرج منهم قال : فانطلق وأخرج منهم من شاء الله أن أخرج ..) الحديث [15]. ([16])


خامساً : أقسام الناس في الشفاعة ([17]):
انقسم الناس في الشفاعة على أقسام :
القسم الأول : المشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم : يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة في الدنيا .
القسم الثاني : المعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الكبائر .
القسم الثالث : أهل السنة والجماعة أقروا بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر ،وشفاعة غيره ، لكن لا يشفع أحد حتى تتحقق شروط الشفاعة السابقة .
``
سادساً : شفاعة غير الأنبياء :
1 ، 2ـ الملائكة ، المؤمنون : روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا قال : ( فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط ) الحديث([18]) .
3ـ الأفراط وهم الأطفال الصغار : روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغن الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم )) ([19])
4 ـ الشهداء في سبيل الله : روى الترمذي وغيره عن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ )([20])
``
سابعاً : حكم طلب الشفاعة من الحي الحاضر :
طلب الشفاعة من الحي الحاضر على قسمين :
القسم الأول : إن كان مما يقدر عليه فهي على نوعين :
1 ـ إن كان المطلوب أمرا حسنا فهي مشروعة : لقوله تعالى :((مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا )) (النساء : 85) .
وجاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اشفعوا تؤجروا )) .
مثالها : شفاعة النبي لزوج بريرة بأن ترجع إليه : روى البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ رَاجَعْتِهِ ) قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ : تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : (( إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ )) قَالَتْ : لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ([21]).
2- إن كان المطلوب أمرا سيئاً فهي محرمة:لقوله تعالى: ((وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا )) ( النساء : 85) .
مثاله : شفاعة أسامة بن زيد للمرأة المخزومية : روى البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ )، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)([22])
القسم الثاني : إن كان مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى : فهذا من الشرك الأكبر وهذا ما يفعله المشركون الأولون والآخرون كما قال تعالى : ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ))( الزمر : 3) .
أي ما نعبد تلك الآلهة مع الله إلا لتشفع لنا عند الله ، وتقربنا عنده منـزلة ، فكفروا بذلك ؛ لأن الشفاعة لله وحده قال تعالى (( قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً )) ( الزمر : 44) .


ثامناً : من أسباب الشفاعة
1- التوحيد الخالص : روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا رَدَّ إِلَيْكَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشَّفَاعَةِ ؟ قَالَ : ( لَقَدْ ظَنَنْتُ لَتَكُونَنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَنِي مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْعِلْمِ ، شَفَاعَتِي لِمَنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا يُصَدِّقُ قَلْبُهُ لِسَانَهُ وَلِسَانُهُ قَلْبَهُ ) فأسعد الناس بشفاعته صلى الله عليه وسلم أكملهم إخلاصا لله رب العالمين . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( سبب الشفاعة توحيد الله وإخلاص الدين والعبادة بجميع أنواعها له فكل من كان أعظم إخلاصا كان أحق بالشفاعة ، فإن الشفاعة مبدؤها من الله ، وعلى الله تمامها ، فلا يشفع أحد إلا بإذنه ،وهو الذي يأذن للشافع ، وهو الذي يقبل في المشفوع له )([23])
2- القرآن الكريم : روى مسلم في صحيحه من حديث أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ )([24])
- ومن ذلك : سورة تبارك : روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) ([25])
3- الـصيام : روى الإمام أحمد في المسند عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ ) ([26])
4- سكنى المدينة والموت بها : روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ أَنَّهُ جَاءَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لَيَالِي الْحَرَّةِ فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجَلَاءِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَشَكَا إِلَيْهِ أَسْعَارَهَا وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ وَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا فَيَمُوتَ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا ) ([27])
5- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الوسيلة له : روى مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ )([28])
6- أن يصلى عليه مائة من المسلمين : روى مسلم في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ ) ([29])
7- كثرة الصلاة : روى مسلم في صحيحه عن رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ :كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: سَلْ ! فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ! قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ قَالَ : ( فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)([30])

تاسعاً : الذي لا تقبل شفاعته :

روى مسلم في صحيحه عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ([31])
قال النووي في شرح الحديث : ((قوله صلى الله عليه وسلم : (( إنهم لا يكونون شفعاء ولا شهداء )) فمعناه لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار , ( ولا شهداء ) فيه ثلاثة أقوال : أصحها وأشهرها لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات , والثاني لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم , والثالث لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله , وإنما قال صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا , ولا يكون اللعانون شفعاء بصيغة التكثير , ولم يقل : لاعنا واللاعنون لأن هذا الذم في الحديث إنما هو لمن كثر منه اللعن , لا لمرة ونحوها , ولأنه يخرج منه أيضا اللعن المباح , وهو الذي ورد الشرع به , وهو لعنة الله على الظالمين , لعن الله اليهود والنصارى , لعن الله الواصلة والواشمة , وشارب الخمر وآكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه , والمصورين , ومن انتمى إلى غير أبيه , وتولى غير مواليه , وغير منار الأرض , وغيرهم ممن هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .) ([32])

عاشراً : شبهات و الرد عليها
الشبهة الأولى : ما رواه الترمذي من حديث عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ فَادْعُهْ قَالَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ )
والجواب من وجوه :
1 ـ من جهة السند : أن في ثبوت هذا الحديث فيه نظر ، ووجه عدم ثبوته أن الترمذي قد نص على أن أبا جعفر الذي عليه مدار هذا الحديث هو غير الخطمي ، وإذا كان غيره ؛ فهو لا يعرف .
2 ـ من جهة المتن : أن قوله ( أتوجه إليك بنبيك محمد ) المقصود منه دعاء نبيك محمد صلى الله عليه وسلم لأنه في أول الحديث قال : ( إن شئت دعوت الله لك ) وطلب منه أن يدعو أن يستجيب لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم . ([33])
الشبهة الثانية : أن الكفار يريدون ممن يدعونهم المنفعة ودفع المضرة ونحن لا نريد إلا الشفاعة وطلبها منهم ليست شركاً .
الجواب : أن هذا هو قول الكفار سواء بسواء كما قال تعالى : ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) ( الزمر : 3) .
ويقول الله تعالى :(( وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ )) ( يونس : 8) .
الشبهة الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة ، ونحن نطلب منه مما أعطاه الله تعالى .
والجواب من وجوه :
1 ـ أن الله تعالى أعطاه نبيه صلى الله عليه وسلم الشفاعة ونهاك عن أن تسأله ذلك فقال تعالى : ((فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )) ( الجن : 18) .
فإذا كنت تدعو الله تعالى أن يشفع نبيه فيك فأطعه في قوله ((فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )) .
2 ـ اطلب الشفاعة من الذي أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من الرسول صلى الله عليه وسلم .قال تعالى (( قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً )) ( الزمر : 44).
3 ـ أن الله تعالى أعطى الشفاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم فصح أن الملائكة والأولياء والأفراط يشفعون فهل تقول : أن الله تعالى أعطاهم الشفاعة ونحن نسألهم ما أعطاهم الله ؟
فإن قلت هذا : رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه . وإن قلت : لا ، بطل قولك : أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله .
الشبهة الرابعة : أن الاستشفاع بالأنبياء يجوز لأنكم تقولون إن الاستشفاع بالحي جائز ، والأنبياء أحياء ؛ فنحن نستشفع بأحياء ، فإذا كان الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فالأنبياء من باب أولى .
والجواب :
1 ـ أن الله أخبر أنهم ماتوا وانقطعت أعمالهم ..قال تعالى : ((إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ )) (الزمر : 30) .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله …) الحديث فليس له عمل بعد الموت .
2 ـ أنه منعك أن تسألها من غيره ، أما كونهم أحياء فنعم ولكنها حياة برزخية غير هذه الحياة .
الشبهة الخامسة : أن طلب الشفاعة ليست شركا بدليل قصة إبراهيم لما ألقي في النار ، اعترض له جبريل في الهواء فقال : ألك حاجة ؟ فقال : إبراهيم عليه السلام : أما إليك فلا ، فلو كانت الاستغاثة شركاً لم يعرضها جبريل على إبراهيم .
والجواب من وجوه :
1 ـ من جهة السند : هذه الرواية أخرجها ابن جرير في تفسيره (17/45) وفيها ضعف لأن فيها جهالة أصحاب المعتمر بن سليمان التيمي .
2 ـ من جهة المتن : على فرض صحته فإنه لا دلالة على قولهم لأن هذه من الاستغاثة بالحي الحاضر السامع القادر وهذه مباحة ، فجبريل عليه السلام حي قادر عرض على إبراهيم ما يستطيع فعله . ([34]) .
الشبهة السادسة : إذا كان من اتخذ شفيعا عند الله ، إنما قصده تعظيم الرب تعالى وتقدس أن يتوصل إليه إلا بالشفعاء ؟! فلم كان هذا القدر شركاً ؟!
والجواب من وجوه :
1 ـ قصده للتعظيم لا يدل على أن ذلك تعظيم لله تعالى ، فكم من يقصد التعظيم لشخص ينقصه بتعظيمه ، ولهذا قيل في المثل المشهور : يضر الصديق الجاهل ، ولا يضر العدو العاقل .
2 ـ من اتخذ الشفعاء هو بين حالات :
أ ـ إما أن يظن أن الله سبحانه يحتاج إلى من يدبر أمر العالم معه .
ب ـ وإما أن يظن أن الله سبحانه إنما تتم قدرته بقدرة الشفيع .
ج ـ وإما أن يظن أنه لا يعلم حتى يعلمه الشفيع ، أو لا يجيب دعاء عباده حتى يسألوا الشفيع أن يرفع حاجتهم إليه كما هو حال ملوك الدنيا .
د ـ أو يظن أنه لا يسمع حتى يرفع الشفيع إليه ذلك .
هـ ـ أو يظن أن للشفيع عليه حقا ، فهو يقسم عليه بحقه ، ويتوسل إليه بذلك الشفيع كما يتوسل الناس إلى الأكابر والملوك بمن يعز عليهم ، ولا تمكنهم مخالفته.
وكل هذا هضم لحق الربوبية وتنقص للعظمة الإلهية ، وسوء ظن برب العالمين كما قال تعالى :] ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء [ الآية .([35])
الشبهة السابعة : أنا أعلم أنهم لا يشفعون إلا بإذنه لكن أدعوهم ليأذن الله لهم في الشفاعة لي .
والجواب : إن الله تعالى لم يجعل الشرك به ودعاء غيره سبباً لإذنه ورضاه ، بل ذلك سبب لغضبه ، ولهذا نهى عن دعاء غيره في غير آية كقوله :(( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ )) ( الفتح : 6) ([36]).

الشبهة الثامنة : هل تنكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين وتتبرأ منها ؟
فالجواب : لا ننكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ولا شفاعة الصالحين ولا نتبرأ منها ، بل هو صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع ، ونرجو شفاعته صلى الله عليه وسلم ولكن الشفاعة كلها لله تعالى كما قال تعالى: (( قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً )) فبينت الآية أن الشفاعة ملك لله وحده ، وإذا كانت لله تعالى فإنه لا يحق لأي مخلوق أن يشفع مهما كانت مرتبته وعلت منـزلته إلا بعد أن يأذن الله تعالى لمن يشاء ويرضى .([37])
الشبهة التاسعة : وهي لمن أنكر الشفاعة للأهل الكبائر من الموحدين ؛ استدلوا بقول الله تعالى : ((وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ )) ( البقرة : 48) .
وبقوله :(( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ )) ( غافر : 18) .
وبقوله : ((فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ )) ( المدثر : 48) .
والجواب من وجوه :
1 ـ أنها لا تنفع المشركين ، كما قال تعالى : (( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ* فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ )) ( المدثر : 42-48)
فهؤلاء لا تنفعهم شفاعة الشافعين لأنهم كانوا كفارا .
2 ـ أنه يراد بذلك الشفاعة التي يثبتها أهل الشرك ومن شابههم من أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين ، الذين يظنون أن للخلق عند الله من القدر أن يشفعوا عنده بغير إذنه ، كما يشفع الناس في بعضهم عند بعض . ([38]) .

الشبهة العاشرة : العبد إذا تعلقت روحه بروح الوجيه المقرب عند الله وتوجه بهمته إليه وعكف بقلبه عليه صار بينه وبينه اتصال يفيض عليه نصيب مما يحصل له من الله ، وشبهوا ذلك بمن يخدم ذا جاه وحظوة وقرب من السلطان وهو شديد التعلق به فما يحصل لذلك من السلطان من الإنعام والافضال ينال ذلك المتعلق به بحسب تعلقه به .
والجواب من وجوه :
1 ـ أن هذا سر عبادة الأصنام ، وهو الذي بعث الله رسله وأنزل كتبه بإبطاله وتكفير أصحابه ، والقرآن من أوله إلى آخره مملوء من الرد على أهله وإبطال مذهبهم ، قال تعالى : ((أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ )) (الزمر : 43) .
((قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) (الزمر : 44) .
فأخبر أن الشفاعة لمن له ملك السموات والأرض وهو الله وحده ، وهو الذي يشفع بنفسه إلى نفسه ليرحم عبده فيأذن هو لمن يشاء أن يشفع فيه . ([39])
2 ـ هناك فرق بين الشفاعة عند الخالق ولدى المخلوق فمن تلك الفروق :
أ ـ أن الله تعالى هو الذي يحرك الشفيع حتى يشفع بخلاف الشفيع عند المخلوق فالشفيع هو الذي يحرك المشفوع إليه حتى يقبل .
ب ـ أن الشفاعة عند الله لها شروط بخلاف الشفاعة لدى المخلوقين فقد تكون لأسباب خارجية كالمحبة والمصلحة ونحوها .
```
ما قيل في الشفاعة من النظم ([40])

وإن تردْ مسائلَ الشفاعهْ في عقدِ أهلِ الحقِّ والجماعهْ
تصحُّ إن توفرَ الركنانِ الأولُ الإذنُ من الرحمنِ
فانظرهُ في أولِ آي "يونس" وآية الكرسيِّ لا تلتبسِ
وبعدَهُ الرضا فلا تختلطِ دليلهُ في " الأنبياء" فاضبطِ
واجتمعَ الركنانِ ياذا العزمِ في آي "طه" وذا في " النجم "
وإن تسلْ عن عدةِ الأنواعِ فقد أتتْ فاظفرْ بالانتفاعِ
أولُهَا : التي هي المقامً تحمدُهُ لأجلها الأنام
إن طالَ بالخلقِ مقامً الحشرِ يشفعُ في الحسابِ كيما يجري
خُصَّ بها بها من إنسهِ والجنةِ وبعدها : استفتاحه للجنة
فتفتحَ الأبوابُ للدخولِ بعد شفاعةٍ من الرسولِ
وبعدها يُشفعُ الرسولُ في عمهِ أتتْ بذا النقولُ
لم يرضَ عنه ربُّه وإنما تعذيبُه خُفِّفَ في جهنمَ


([1]) انظر : القول المفيد شرح كتاب التوحيد (1/433) .
[2] رواه مسلم
([3]) انظر : مجموع الرسائل والمسائل (4/281) .
([4]) انظر : مجموع الرسائل والمسائل (4/283) .
([5]) انظر : قرة عيون الموحدين ص 97 .
([6]) انظر : إفادة المستفيد للأسمري ص 91 فقد ذكر الأنواع المختلف في خصوصيتها للنبي r .
([7]) رواه مسلم ورقمه (197) .
([8]) الضحضاح : ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين .
([9]) رواه البخاري ورقمه (3885) ومسلم ( 210) .
([10]) التذكرة (1/249) وانظر : فتح الباري (11/431) .
([11]) رواه البخاري ورقمه (44) .
([12]) رواه الترمذي ورقمه (2435) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
([13]) رواه مسلم ورقمه (920)
[14] رواه مسلم
[15] رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال.
([16]) قال الشيخ مقبل الوادعي في كتابه الشفاعة ص111 : " الحديث رجاله رجال الصحيح إلا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة وقد وثقه الدارقطني ، وقال الجعابي : يحدث عن ابن سلمة بعجائب كما في التهذيب والميزان ، ويخشى أيضا من إرساله ، فيحتمل أن يكون عبدالله بن الحارث سمه من أبي هريرة ، ويحتمل أن يكون أرسله والله أعلم .
([17]) انظر : شرح الطحاوية ص 293 .
([18]) قطعة من حديث مطول أخرجه مسلم ورقمه (183) .
([19]) رواه البخاري ورقمه (1248) .
([20]) رواه الترمذي (1663) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
([21]) رواه البخاري ورقمه (5282) .
([22]) رواه البخاري ورقمه (3475) ومسلم ورقمه (1688) .
([23]) مجموع الفتاوى (14/414) .
([24]) رواه مسلم ورقمه (804) .
([25]) رواه الترمذي (2891) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2087) .
([26]) صححه الألباني في صحيح الترغيب ورقمه (973)
([27]) رواه مسلم ورقمه (1374) .
([28]) رواه مسلم ورقمه (384) .
([29]) رواه مسلم ورقمه (947) .
([30]) رواه مسلم ورقمه (489) .
([31]) رواه مسلم ورقمه (2598) .
([32]) شرح صحيح مسلم .
([33]) انظر في الرد على هذه الشبهة : صيانة الإنسان ص 125 ، تيسير العزيز الحميد ص 178 ط : دار الفكر .
([34]) انظر : كشف الشبهات .
([35]) انظر : تيسير العزيز الحميد ص 202 . بتصرف .
([36]) انظر : تسير العزيز الحميد ص 206-207 .
([37]) انظر : كشف الشبهات .
([38]) انظر : الإرشاد إلى تصحيح الاعتقاد ص 293-295 للشيخ صالح الفوزان .
([39]) الرسائل والمسائل النجدية (4/280-281) .
([40]) انظر : قلادة الزبرجد في نظم ما يعتقد ابن مقعد ص 111-112 ।

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

التجويــــــد




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى نزل احسن الحديث واستاثر بعلم تاويل متشابة آياتة والصلاة والسلام علي الرسول الصادق الامين الذى بلغة كما امر بترتيل كلماتة سيدنا محمد وعلى آلة وأصحابة الذين تلقوة عنة كما نزل , ومن بهداهم اقتدى حتى هكذا منهم إلينا القران وصل . وأشهد أن لا آلة الا الله ذو القوة المتين , وأن سيدنا محمدا رسول الله المبلغ بلسان عربي مبين , صلي الله علية وسلم وعلي آلة واصحابة والتابعين
( وبعد) فيقول محمد بن علي بن خلف الحسينى الشهير بالحداد , هذة نبذة في فن تجويد القرآن وضعتها لافادة المبتدي , وتذكير المنتهي وسميتها فتح المجيد في علم التجويد والله أسأل النفع بها والقبول فانة ذو فضل عظيم وأكرم مسئول.
مقدمة
لما كان ينبغي لكل شارع في فن أن يعرف مبادئة العشرة ليكون علي بصيرة فية , وجب علينا ان نتكلم عن مبادىء فن التجويد الذي هو مقصودنا في هذة النبذة فقلنا:
حد التجويد :
تلاوة القرآن الكريم علي حسب ما أنزلة الله تعالى علي نبية محمد صلي الله علية وسلم بإخراج كل حرف من مخرجة واعطائة حقة من الصفات مكملا من غير تكلف ولا تعسف ولا افراط ولا تفريط ولا إرتكاب ما يخرجة عن القرأنية لقولة صلي الله علية وسلم ( اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر فأنة سيجىء أقوام من بعدى يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم )
وموضوعة : كلمات القرأن من حيث لفظ ما ذكر.
وثمرتـــــــة : صون اللسان عن الخطأ في القرأن.
وفضـــــــــلة: شرفة علي غيرة من العلوم لتعلقة بأ شرف الكلام.
ونسبـــــتة : لغيرة من العلوم التباين.
وواضعــــة : أئمة القراءة.
واسمـــــــة : علم التجويد أي التحسين.
واستــمدادة: من السنة.
ومسائـــلة : قضاياة التي يتوصل بها الي معرفة أحكام جزئياتها كقولنا لام أل يجب إظهارها عند حروف " أبغ حجك وخف عقيمة " وإدماغها من غير هذة.
وحكمــــــة : الوجوب العيني علي كل قارىء من مسلم ومسلمة لقولة تعالي ( ورتل القرأن ترتيلا ) أي ائت بة علي تؤدة وطمأنينة وتدبر ورياضة للسان علي القراءة بتفخيم ما يفخم وترقيق ما يرقق ومد ما يمد وقصر ما يقصر وإدغام ما يدغم وإظهار ما يظهر وإخفاء ما يخفي إلي غير ذلك علي ما سيأتي إن شاء الله .

وقولة صلي الله علية وسلم اقرءوا القرآن كما علمتموة ولإ جماع الأمة علي وجوبة . ولنزول القرآن بة.

الباب الاول فى مخارج الحروف
المخارج : سبعة عشر ولما كان النفس يخرج من الرئة متصعدا الى الفم ذكر العلماء مخارج الحروف مرتبةعلى مايأتى :-
· الجوف :-
وهو خلاء الفم والحلق ويخرج منة أحرف المد الثلاثة التى هى الألف والواو الساكنة بعد والياء الساكنة بعد كسر ويقال لهذة الثلاثة الجوفية لخروجها من الجوف ويقال لهاأيضا الهوائيةلإنها أصوات تقبل المد باختيار الماد ما أمكن وتنتهى بانقطاع هواء الفم . ولكونها تخرج من الجوف وتمتد فتمر على جميع المخارج قدم مخرجها على مخارج جميع الحروف .
· اقصى الحلق :-
مما يلى الصدرويخرج منة الهمزة فالهاء .
· وسط الحلق :-
ويخرج منة العين فالحاء المهملتان .
· أدنى الحلق مما يلى الفم :-
ويخرج منة الغين فالخاء المجمعتان وهذة الاحرف الستة المختصة بهذة المخارج الثلاثة يقال لها الاحرف الحلقية لخروجها من الحلق.
· أقصى اللسان مما يلى الحلق مع ما فوقة من الحنك الاعلى من منبت اللهاة وهى اللحمة المشرفة على الحلق :-
ويخرج منة القاف .
· أقصى اللسان مع ما يحاذية من الحنك الأعلى قريبا من آخر اللهاة :-
ويخرج منة الكاف فهو أقرب من مخرج القاف قليلا الي وسط اللسان ويعرف ذلك بالوقف عليهما نحو أق أك ويقال لهذين الحرفين لهويين نسبة الى اللهاة .
· وسط اللسان مع ما يحاذية من الحنك الأعلى :-
ويخرج منة الجيم فالشين معجمة فالياءغير المدية ويقال لهذة الثلاثة شجرية لخروجها من شجر الفم أى منفتحة .
· جزء من حافة اللسان بعيد الوسط وقبل مخرج اللام مع ما يلية من الأضراس العليا اليسرى على كثرة أو اليمنى على قلة أو منهما على عزة:-
ويخرج منة الضاد المعجمة .
· أدنى إحدى حافتى اللسان بعيد مخرج الضاد إلى منتهى طرفة مع ما يحاذيها من لثة الاسنان العليا :-
ويخرج منة اللام .
· طرف اللسان أى رأسة مع ما يحاذية من الحنك الأعلى فويق الثنيتين :-
ويخرج منة النون المتحركة والساكنة المظهرة فمخرجها اقرب من مخرج اللام .
· ظهر طرف اللسان مع ما يحاذية من الحنك الاعلى فويق الثنيتين :-
ويخرج منة الراء ويقال للام والنون والراء ذلقية لخروجها من ذلق اللسان أى طرفة .
· طرف اللسان مع ما يقابلة من أصلى الثنيتين العليين مصعدا الي جهة الحنك الأعلى :-
ويخرج منة الطاء فالدال المهملتان فالتاء المثناة فوق ويقال لهذة الثلاثة نطعية لانها تخرج من نطع الغار أى سقفة .
· طرف اللسان وفويق الثنيتين السفليين :-
ويخرج منة الصاد فالزاى فالسين ويقال لهذة الثلاثة أسلية لأنها تخرج من أسلة أي مادق منة ومن بين الثنايا العليا والسفلى .
· طرفا اللسان والثنيتين العليين :-
ويخرج منة الظاء المشالة المعجمة فالثاء المثلثة وقال بعضهم إنها تخرج من بين طرف اللسان واللثة ولذا يقال لها لثوية واللثة هى اللحم النابت فية الأسنان الأول .
· بطن الشفة السفلى من طرفى الثنيتين العليين :-
ويخرج منة الفاء .
· الشفتان :-
ويخرج منة الباء الموحدة والميم والواو غير المدية أن انطباقهما عند النطق بالباء أشد منة عند النطق بالميم وعند النطق بالميم أشد منة عند النطق بالواو ويقال لهذة الثلاثة والفاء الشفوية الى الشفتين.
· الخيشوم :-
وهو خرق الانف المنجذب الي داخل الفم المركب في سقف الفم وليس بالمنخر ويخرج منة النون والميم الساكنتان .
الاخفاء :-
أو ما فى حكمة من الادغام بالغنة وهو ايضا مقرالغنة التى هي صوت لذيذ يشبة صوت الغزالة حين ضياع ولدها لادخل للسان فية وهى صفة يمد معها الصوت مقدار حركتين تقوم بالميم والنون إذا شددتا أو سكنتا ولم تظهرالاحرف خلافا لزاعمة لأن الحروف الهجاء بالاجماع تسعة وعشرون حرفا وهي " الهمزة والباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال والذال والراء والزاى والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين والفاء والقاف والكاف واللام والميم والنون والهاء والواو والالف والياء " وليست الغنة واحدا منها.

(فائدة ) :- إذا أرادت أن تعرف مخرج الحرف فسكنة بعد همزة الوصل أو شددة وهو أبين ملاحظا فية صفاتة واصغ الية فحيث انقطع صوتة كان مخرجة ثم ألا تري إذا قلت أب فقال أطبقت أحدى الشفتين على الاخرى



الباب الثانى من صفات الحروف
اعلم ان الصفات اى الكيفيات العارضة للحروف عند حصول في مخارجها سبعة عشرة
1- الهمس :-
وهو عبارة عن خفاء التصويت بالحرف لضعفة بسبب جريان النفس معة حالة النطق بة وحروفها عشرة يجمعهم قولك (سكت فحثة شخص ) .
2- الجهر :-
وهو عبارة عن ظهور التصويت بالحرف لقوتة بسبب انحصار الصوت الحاصل من عدم جريان النفس معة حالة النطق بة وحروفها ثمانية عشر وهى ماعدا الحروف المهموسة
3- الشدة :-
وهى عبارة عن لزوم الحرف لمخرجة وحبس الصوت من أن يجرى معة وحروفها ثمانية يجمعها قولك ( أجد قط بكت) .
4- الرخاوة :-
وهى عبارة عن ضعف الاعتماد على مخرج الحرف وجريان الصوت معة وحروفها ستة عشر يجمعها قولك (هوز ثخذ ضظع سيح فشص ) .
وبين الشديدة والرخوة خمسة احرف يجمعها قولك ( لن عمر) فان الصوت لن ينحبس معها انحباسة مع الشديدة ولا يجرى معها كجريانة مع الرخوة .
5- الاستعلاء :-
وهو عبارةعن استعلاء طائفة من اللسان عند النطق بالحرف وحروفها سبعة يجمعها قولك
( قظ خص ضغط ).
6- الاستفال :-
وهو عبارة عن تسفل اللسان وانخفاضة الى قاع الفم عند النطق بالحرف وحروفها ماعدا السبعة المستعلية.
7- الاطباق:-
وهو عبارة عن انطباق طائفة من اللسان على ما يحاذيها من سقف الحنك وانحصار الصوت بينهما وحروفها اربعة وهى (الصاد والضاد والطاء والظاء ) بخلاف بقية حروف الاستعلاء فانها وإن كان اللسان يرتفع معها لكن لا انطباق فيها.
8- الانفتاح :-
وهو عبارة عن انفتاح ما بين اللسان والحنك الاعلى وخروج الريح من بينهما وعدم انحصار الصوت بينهما وعدم انحصار الصوت بينهما عند النطق بالحرف الاربعة والعشرين غيرالمطبقة.
9- الذلاقة :-
من الذلق وهو الطرف وحروفها ستة يجمعها قولك " فرمن لب " وسميت مذلقة لخروجها من طرف اللسان او طرف الشفة ويلزم ذلك سرعة النطق بها لخفتها.
10- الا صمات :-
من الصمت اى المنع وحروفها اثنان وعشرون وهى ماعدا الستة المذ لقة قيل لها مصمتة لامتناع انفرادها أصولا فى بنات الا ربعة او الخمسة وكل صفتين من هذة الصفات العشر أولاهما تضاد الثانية ويوصف باحدى الصفتين المضادتين استقلالا من الحروف ماعدا الالف اللينة أما هى فلا تتصف على حدتها بصفة أصلا بل هى تابعة لما قبله فى صفاتة ويلتحق بها أختاها وهما الواو والياء المديتان.
11- الصفير :-
وهو عبارة عن صوت يشبة صوت الطائر يصاحب النطق بأحرفة وهو الصاد فالزاى فالسين فاالصاد تشبة صوت الاوز والزاى تشبة صوت الجراد والسين تشبة صوت العصافير وفى هذة الثلاثة لأجل صفيرها قوة وأفواها في ذلك الصاد للاستعلاء والاطباق ثم الزاى للجهر والسين أقلها لهمسها.
12- القلقة :-
هى عبارة عن تقلقل المخرج بالحرف عند خروجة ساكنا حتى يسمع لة نبرة قوية وحروفها خمسة يجمعها قولك " قطب جد " .
13- اللين :-
وهى عبارة عن خروج الواو والياء الساكنتين بعد فتح نحو خوف وبيت مع لين وسهولة وعدم كلفة على اللسان.
14- الانحراف :-
وهو عبارة عن انحراف وميل الراء واللام من مخرجيهما إلى مخرج غيرهما .
15- التكرير:-
وهو عبارة عن قبول الراء للتكريرلارتعاد طرف اللسان عند النطق بة وهذة الصفة تعرف لجتنب لا ليعمل بها.
16- التفشى :-
وهو عبارة عن انتشار الريح فى الفم عند النطق بالشين.
17- الاستطالة :-
وهى عبارة عن امتداد الضاد فى مخرجها حتى تصل بمخرج اللام والفرق بين الاستطالة والمد أن الاستطالة إمتداد الحرف فى مخرجة والمد إمتداد الصوت عند النطق بحروفة بدون انحصار في المخرج .

" تنبية " لمعرفة الصفات - فائدتان :-
الاولى :-
تميزبعض الحروف المتحدة في المخرج عن بعض والفرق بين ذواتها إذ لوها لا تحدث اصواتها.
الثانية :-
تحسين لفظ الحروف المختلفة المخارج .
وتنقسم الصفات الى قوية وهى عشر " 1- الجهر.2- الشدة. 3- الاستعلاء. 4- الاطباق. 5- الصفير. 6- القلقلة. 7- الانحراف. 8- التكرير. 9- التفشى. 10- الاستطالة الضعيفة. وهى خمس (1- الهمس 2- الرخاوة 3- الاستفال 4- الانفتاح 5- اللين ) .
واما الاصمات والذلاقة فلا دخل لهما فى القوة ولافى الضعف وباعتبارها تنقسم الحروف الى قوى وضعيف ومتوسط .

الباب الثالث فى التفخيم والترقيق
التفخيم تسمين الحرف و الترقيق تنحيفة ثم إن الحرف قسمان " حروف استعلاء وحروف استقال " فحروف الاستعلاء يجب تفخيمها مطلقا وأعلاها فى تفخيم الحروف الاطباق الأربعة وحروف الاستفال يجب ترقيقها مطلقا إلا الالف اللينة فانها تتبع ما قبلها تفخيمها وترقيقها وإلا الراء واللام فى بعض أحوالها
أما الراء فان كانت مضمومة أو مفتوحة فخمت نحو" رزقنا , لايبصرون , الابتر , رءوف , اشتروا " ثم نظر وإن كانت مكسورة وجب ترقيقها نحو رجال الغارمين الفجر الرقاب يريكم وأنذر الناس وإن كانت ساكنة فان كان سكونها للوقوف وجب تفخيمها إن لم يكسر ما قبلها نحو " دسر وعلى سفر" ما لم تقع قبل حذفت تخفيفها نحو" ونذر" وإلا جاز فيها الوجهان والارجح الترقيق لدلالتة على الياء المحذوفة فان كسر وجب ترقيقها نحو " قدر- الكذاب الاشر - مليك مقتدر- هذا السحر - اهل الذكر" مالم يفصل بينها وبين الكسر الصاد أو الطاء المهملتان نحو" مصر و القطر ط وإلا جاز فيها التفخيم مع أرجحية فى الاول والترقيق مع أرجحية فى الثانى وكذا يجب ترقيقها بعد الياء الساكنة نحو " لاضير – بشير- ونزير"
وإن كان سكونها غيرالوقوف وجب تفخيمها إن لم تتقدمها كسرة نحو" أرجة , أركض " وإن تقدمها كسرة وجب ترقيقها " كشريعة إسلامية – مرية - واصبر - واستغفر " إلا إذا وليها حرف استعلاء فى كلمتها كفرقة وقرطاس وإرصادا وكانت الكسرة عارضة كارجعوا وإن ارتبتم أوكانت الكسرة أصلية كالذى أرتضى فإنها تفخم فى ذلك واختلف فى راء فرق بالشعراء وصححوا فية الوجهين
وأما اللام فانها تفخم فى لفظ الجلالة إن ضم ما قبلها أو فتح نحو " من الله - ورسل الله " وترقق فى غير ذلك نحو " الله - ومن أمر الله " .

فائدة :- الحروف كلها مشتركة فى أصل الاعتماد على المخرج متفاوتة فية وكلما قوة الاعتماد علية كان صوت الحرف أقوى الشدة تضيق الصوت عند قوة الاعتماد على المخرج0



الباب الرابع فى احكام النون الساكنة والتنوين
للنون الساكنة والتنوين عند حروف المعجم أربعة أحوال
1- الاظهار:-
وهو عبارة عن إخراج كل حرف من مخرجة من غيرغنة فى المظهر فيظهران إذا وقع بعدها حرف من حروف الحلق الستة التى هى " الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء " نحو " ينأون - من آمن - كل آمن – أنهار- من هاجر- جر ف هار- أنعمت - من علم - سميع عليم – وانحر- من حكيم حميد - فسينغضون - من غل - إلة غيرة - والمنخنفة - من خلقهم - لطيف خبير" .
2- الادغام :-
وهو عبارة عن النطق بحرف ساكن فحرف متحرك بلا فصل من مخرج واحد إذ اللسان يرتفع بهما ارتفاعة واحدة لافصل بينهما بوقف ولاغيرة ويعتمد على الأخير اعتمادة واحدة فيصيران بتداخلهما كحرف واحدلامهلة بين بعضة وبعضة ويشتد الحرف ويلزم اللسان موضعا واحدا غير ان احتباسة فى موضعة بما زاد فية من الضعيف اكثر من احتباسة فية بالحرف الواحد
ويكون فى ستة أحرف يجمعها قولك " يرملون " لكنها تنقسم الى قسمين أربعة منها يدغمان فيها بغنة وهى الياء والنون والميم والواو نحو " من يشاء - يومئذ يوفيهم - من وال - يومئذ واهية - من مال - مثلا ما - عن نفس - حطة نغفر" .
الا اذا اجتمعت النون مع الياء أو الواو فى كلمة نحو " الدنيا بنيان قنواو صنوان " فلا خلاف فى إظهارها عندهما . وحرفان منها يدغمان فيهما بلا غنة وهما اللام والراء نحو " من لدنة هدى للمتقين من ربهم غفور رحيم " .
3- الاقلاب :-
وهو عبارة عن جعل حرف مكان آخر والمراد بة هنا قلب النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء الموحدة مع الغنة نحو " أنبئهم - أن بورك - سميع بصير" .
4- الاخفاء :-
وهوعبارة عن النطق بحرف عار عن التشديد بحالة بين الاظهار والادغام مع بقاء الغنة فى الحرف الاول وهو هنا النون الساكنة او التنوين وحروفة خمسة عشر وهى بقية حروف المعجم نحو" كنتم - وإن تبتم - جنات تجرى - أنثى - من ثمرة - يومئذ ثمانية - ينجيكم - من جاء - ولكل جعلنا - عنده - ومن دون - عملا دون - لينذر - من ذا - ظل ذى - أنزل - فإن زللتم - نفسا زكية - منسأتة - أن سيكون - رجلا سلما - ينشىء - فمن شهد - شىء شهيد - ينصركم - ولمن صبر - عملا صالحا - منضود - من ضل - مسفرة - ضاحكة - ينطق فان طبن - كلمة طيبة - ينظرون - من ظلم - قوم ظلموا - انفروا - وإن فاتكم - عمى فهم - ينقلب - وإن قيل - مثلا قرية - ينكثون - من كان - عليا كبيرا0



الباب الخامس فى احكام الميم الساكنة0
الميم الساكنة عند حروف المعجم ثلاثة أحوال
1- الاخفاء :-
فتخفى إذا وقعت قبل الباء الموحدة نحو يعتصم بالله مع بقاء غنتها وذهب جماعة الى إظهارها عندها والأول أشهر.
2- الادغام :-
فتدغم بغنة فى مماثلتها إذا وليتها ويشمل ذلك كل ميم مشددة نحو" ولكم ما - أم من اسس - وهم من – دمر- صم "0
3-الاظهار :-
عند الستة والعشرين حرفا الباقية نحو " تمسون - لعلكم تتقون " وتجب العناية باظهارها عند الواو والفاء نحو " عليهم ولا " – " وتركهم فى ".



الباب السادس فى حكم لام ال ولام الفعل0
للام أل المعرفة قبل حروف المعجم حالتان
1- إظهارها
عند اربعة عشر حرفا يجمعها قولك " ابغ حجك وخف عقيمة " نحو " الآيات - البصير - الغفور - الحليم - الجنة - الكريم - الودود - الخبير - الفتاح - العليم - القدير - اليوم - الملك – الهادى " وتسمى حينئذ اللام القمرية0
2- الادغام
وجوبا فى االأربعة عشر حرفا البقية من الحروف المعجم نحو التائبون - الثواب - والذين - الذاكرين - الراكعين - الزجاحة - السائحون - الشاكرين - الصادقين - الطامة - الظالمين - الليل - النور وتسمى اللام الشمسية0
وأما لام الفعل فيجب إظهارها مطلقا نحو " قلنا - والتقى - وأنزلى " إلا إذا وقعت قبل لام أو راء فانها تدغم فيهما نحو" قل رب - وقل لهم " .



الباب السابع فى المثلين والمتجانسين والمتقاربين0
المثلان هما كل حرفين اتفقا مخرجا وصفة " كالدالين والميمين واللامين " ثم ان سكن أولهما نحو " إذ ذهب " سميا مثلين صغيرا وحكمة الادغام وجوبا ان لم يكونا واوين أو ياءين أولهما حرف مد نحوا آمنوا وعملوا فى يوم وإلا وجب الاظهار لئلا يذهب المد بالادغام
وان تحرك نحو يعلم ما سميا مثلين كبيرا وحكمة جواز الادغام والمتجانسان هما كل حرفين اتفقا مخرجا واختلف صفة كالباء مع الميم والتاء مع الطاء فان سكن أولهما نحو " اركب معنا - وقالت طائفة " سميا متجانسين صغيرا وحكمة وجوب الادغام
وإن تحرك نحو " يعذب من - وبيت طائفة " سميا متجانسين كبيرا وحكمة جواز الادغام والمتقاربان هما كل حرفين تقاربا مخرجا واختلفا صفة كالدال مع السين والذال مع التاء فإن سكن أولهما نحو " قد سمع وإذ تبرا " سميا متقاربين صغيرا وإن تحرك نحو " عدد سنين " سميا متقاربين كبيرا وحكمهما جواز الادغام0



الباب الثامن فى المد0
المد عبارة عن إطالة الصوت بحروفة وهى ثلاثة " الواو الساكنة بعد الضم والياء الساكنة بعد كسر والالف " وينقسم الى :-
أصلى :-
وهو المد الطبيعى الذى لا تقوم ذات حرف المد إلا بة ولا يتوقف على سبب من همزة أو بسكون نحو " نوحيها " ومقدارة حركتان .
وفرعى :-
وهو الذى يتوقف على سبب من همزة أو سكون واقسامة أربعة :-
1- متصل:
وهو ماوقع بعدة الهمزة متصلا بة فى كلمة نحو" جاء - جىء - وقروء " وحكمة الوجوب ومقدارة أربع حركات او خمس .
2- منفصل :
وهوماوقع بعدة الهمزة منفصل عنة فى كلمة أخرى نحو " يأيها - وفى أمها - وقولوآمنا " وحكمة الجواز ومقدارة أيضا اربع حركات او خمس0
3- عارض:
وهو الذي عرض فية بعد حرف المد أو اللين سكون للوقوف نحو " نستعين - ومتاب والمفلحون - وبيت - وخوف " وحكمة الجواز ومقدارة حركتان أو أربع أو ست 0
4-لازم : وهو قسمان :-
1- لازم كلمى :-
وهو الذى أتى بعده سكون أصلى فى كلمتة ويسمى مثقلا إن أدغم الساكن فى غيرة نحو " الحاقة " ومخففا إن لم يدغم نحو " آلآن " .
2- لازم حرفى :-
وهوالذى أتى بعده سكون فى حرف هجاؤه ثلاثة أحرف أو سطها حرف مد أو لين وحروفة ثمانية فى فواتح السور جمعها بعضهم فى قولة " نقص عسلكم "
ويسمى أيضا مثقلا إذا أدغم ثالثة نحو لام من " آلم " ومخففا إذا لم يدغم نحو " ميم من " آلم وحم " وحكم كل من القسمين بنوعية الوجوب ومقداره ست حركات على الراجح إلا العين من فاتحتي مريم والشورى ففيها المد بقدر ست وأربع ومقدار الحركة قدر رفع الإصبع أو وضعة0



الباب التاسع فى الوقوف0
الوقوف ينقسم الى أربعة أقسام0
1- تام :-
وهو الوقوف على مالا يتعلق بة ما بعده لفظا ولا معنى نحو أولئك هم المفلحون0
2- كاف :-
وهو الوقوف على ما يتعلق بة ما بعده معنى لالفظا كالوقوف على أم لم تنذرهم لايؤمنون وإنى جاعل فى الارض خليفة0
3- حسن :-
وهو الوقوف على ما يتعلق بة ما بعده لفظا ومعني ولكنة أفاد معنى مقصودا نحو " الوقوف على رب العالمين وعلى الرحيم وعلى الحمد الله " ثم إن كان رأس آية كالمثا لين الأولين جاز الوقوف علية والابتداء بما بعده وإن لم يكن رأس آية كالمثال الثالث جاز الوقوف علية ولكن لايحسن الابتداء بما بعده .
4- قبيح :-
وهو الوقوف على مايتعلق بة ما بعده لفظا ومعنى ولم يفد أو أفاد معنى غير مقصود كالوقوف على لفظ بسم من ( بسم الله) والحمد من ( الحمد الله ) وكالوقوف على ( لا تقربوا الصلاة ) وعلى ( لقد سمع اللة قول الذين قالوا ) مع الابتداء بان الله فقير0
{ أنظر أيضــاً الموقع الآتى : http://www.hafss.com/ }