الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا


قال تعالى :
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
آل عمران : 133
وقال تبارك وتعالى :
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
الحديد : 21
وبالنظر في الآيتين يلحظ الفرق بينهما:
ففي الآية الأولى قال سبحانه:{وَسَارِعُوا}
وفي الثانية قال: {سَابِقُوا}
وفي الآية الأولى قال سبحانه: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}
وفي الثانية قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}
وفي الآية الأولى قال سبحانه: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}
وفي الثانية قال:{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}
:
فالآية الأولى تتعلّق بالمتقين
وأما الآية الثانية فتتعلّق بالمؤمنين
ولما كانت التقوى وهي نتاج الإيمان وهى أعظم درجاته وأرقى مراتبه
والتقوى أفضل من مجرد الإيمان لأنها تتضمنه وزيادة
و التقي أفضل من المؤمن العادي
وقد بين الله واقع المتقين الذين أعدت لهم جنة عرضها السماوات والأرض فقال تعالى ::
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ,
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
آل عمران : 134 :135
وإذا كانت التقوى أعلى رتبة من مجرد الإيمان فقد لزم إذن التفرقة بين المتقين وبين المؤمنين
وتتجلّى هذه التفرقة في الآيتين في موضعين:
الأول في الخطاب
والثاني في الثواب
أما الخطاب فقد خاطب الله تعالى المتقين بدعوتهم إلى المسارعة (وسارعوا)
بينما خاطب المؤمنين بدعوتهم إلى المسابقة (وسابقوا)
والفرق بينهما هو:
أما فى الخطاب :
أن المتقين في تنافس وسباق لذلك لم يحثهم عليه لحصوله منهم إنما حثهم على مزيد منه وحضهم على الأحسن منه
فحسن هنا أن يخاطبهم بالمسارعة
أما المؤمنين لم يحصل منهم التقدم في الرتبة والارتفاع بالمكانة لذلك حثهم على السباق ابتداء فإذا حصل منهم شملهم الخطاب الداعي إلى الإسراع
أما فى الثواب:
فقد اختلف باختلاف الرتب ففي الآية الأولى حينما خاطب الله سبحانه المتّقين قال:
{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}
وفي الآية الثانية حينما خاطب المؤمنين بعامة قال:
{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}
والفرق بينهما يكمن في كون الآية الأولى المتعلقة بالمتقين لم ترد بصيغة التشبيه للدلالة على أنّ هذا الثواب الموعود لا يضاهى ولا يماثل ولا يشابه
علاوة على هذا ففي الآية الأولى (عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ)
وفي الثانية (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ)
وهذا يتضمن الفرق بين الجنّتين من حيث السعة
والحكمة في هذا:
الأول: أن على قدر الأعمال يكون الجزاء فأعمال المتقين أعظم من أعمال المؤمنين لذلك كان ثوابهم أعظم
الثاني: أن ثواب المؤمنين حاصل لدى المتقين بما قدموا ولكن لما حثهم الحق سبحانه وتعالى على المزيد وعدهم هنا أن يعطيهم المزيد
فكان الحث على تقديم الأفضل مقترنا بالوعد بالأفضل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق