الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

التاءات في القرآن الكريم

 بسم الله الرحمن الرحيم
(امرأة) نكرة ... و(امرأت) معرفة
كل امرأة معرفة تكتب بالتاء المبسوطة، وكل امرأة نكرة تكتب بالتاء المقبوضة.
وتعريف المرأة يكون بالإضافة إلى زوجها بضمير متصل يدل عليه أو إلى اسمه مصرحًا به؛
أما إذا أضيفت إلى ضمير متصل فبسط التاء يكون وجوبًا، ولا صورة أخرى لها غير البسط، ولا تكون المرأة في هذه الحال إلا معرفة.
ومثالاً على ذلك قوله تعالى: (رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ .. (40)آلعمران.
قال تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)الذاريات.
والمرأة جاء اسمها من مادة "مَرَأَ"، التي من المروءة، والمروءة أن يكون فعل المرء من نفسه، لا يريد ممن فعل له الفعل أجرًا ولا شكورًا، وذكر المرأة في القرآن كان في المواضع التي كان فعلها من نفسها، فاستقلت به عن زوجها وانفصلت بهذا الاستقلال عنه؛
- فاستقلال زوجة زكريا عليه السلام عن زوجها كان بعقمها؛ فلم تستطع أن تعطيه الولد الذي يربط بينهما، ومثلها زوجة إبراهيم عليه السلام؛.... فهذين المثالين الذَين كانا لزوجين مؤمنين.
- وحالة ثانية في استقلال المرأة عن زوجها وانفصالها: استقلالها بالسوء عن زوجها، ومثاله قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)المسد، فقامت بأفعال لم يفعلها زوجها، وقد يستعظم على نفسه فعلها، كرمي القاذورات والأشواك على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه كان يصد الناس ويصرفهم عنه، فكان إيذاؤها خاصًا بها، وأم جميل دافعة لزوجها أبي لهب لقطع صلة رحمه بابن أخيه.
- وحالة ثالثة: خيانة زوجها في نفسها، فتطلب تحقيق رغبتها عند رجل آخر غير زوجها؛ ومثاله امرأة العزيز التي أرادت ذلك مع فتاها يوسف عليه السلام، قال تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30)يوسف.
وحالة رابعة: أن يكون الزوج مؤمنًا والزوجة كافرة؛ ومثاله امرأة نوح، وامرأة لوط؛
قال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)التحريم.
وحالة خامسة: أن تكون هي مؤمنة وهو كافر؛ ومثاله امرأة فرعون؛ قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)آل عمران.
وحالة سادسة: أن تستقل في رغبتها في أمر ما عن زوجها؛ ومثاله نذر امرأت عمران ما في بطنها دون زوجها؛ قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)آل عمران، فقالت نذرت، ولم تقل نذرنا، وقالت تقبل مني، ولم تقل تقبل منا، وقيل إن عمران مات قبل ولادتها، أو قبل تنفيذ نذرها.
وحالة سابعة: أن يكون بين الزوجين خلافًا؛ ومثاله قوله تعالى: (إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ ... (128)البقرة، وهنا رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وحالة ثامنة: أن تزوج المرأة نفسها بدون إذن وليها، ومثاله قوله تعالى: (.. وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .. (50)الأحزاب، وهذه رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وتسمية الأنثى بالمرأة جاءت من تأنيث امرئ، وهي من المروءة، وهي تدل على أن الفعل كان من إقدام النفس عليه بغير سبب ..... وتسمية الأنثى بالمرأة يطلق على المتزوجة، وعلى غير المتزوجة؛ فليس الزواج هو السبب في هذه التسمية.
ولفظ المرأة يثنى ولا يجمع، والسر في ذلك؛ أن النفس تستقل بفعلها وهي منفردة لوحدها، ولا تتأثر كثيرًا عند اجتماعها بثانٍ غيرها، فليس هناك تبعية من إحداهما للأخرى ... أما عندما يكون الفرد مع جمع، فسينقاد الجمع خلف أحد منهم يقودهم ويكونون هم تبعًا له ... وهنا تنتفي الصفة عن موصوفها، وتخرج التسمية عن مضمونها، فلا يظل الفعل صادر من نفس صاحبه وبقرار منه، وهذا هو السر في عدم جمع المرأة بلفظ من جنسها. ولا امرئ كذلك.
ولما كانت البنت محدودة التصرف في بيت والدها، ومطْلَقَة اليد في بيت زوجها؛ تتصرف فيه في أمور كثيرة كما تشاء من نفسها وبكامل إرادتها، غلب استعمال لفظ المرأة للمتزوجة دون البنت والأيم من النساء.
ووصفت بنتا الرجل الصالح من مدين بالمرأتين؛ لأنهما نابتا عن أبيها في رعاية الغنم، وليس هذا العمل من أعمال النساء، وانفردتا بنفسيهما مبتعدتين عن الرعاء في مكان السقي؛ قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)القصص.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي 

http://vb.tafsir.net/tafsir12649/#.VmihA-JIQzE

http://www.tafsir.net/article/4830

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق