الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

معانى فى القرآن الكريم


 

معنى قرية فى القرآن { مقتبس من التفسير البياني لما في سورة النحل
المؤلف: سامي وديع عبد الفتاح شحادة }

(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (112)
المفردات:
- ضرب: جعل.
- مثلا: وأصل المثل: الصفة، ومعناه هنا: وصف يقاس عليه.
- رغدا: واسعا طيبا.
المعنى الإجمالي:
بعد توعد الآية السابقة المشركين بعذاب الله يوم القيامة، تتوعد هذه الآية المشركين بعذاب الله في الدنيا؛ ليعلم المشركون أن عذاب الله محيط بهم في الدنيا والآخرة.
يضرب الله - سبحانه وتعالى - مثلا حقيقيا لقرية كانت تعيش حياة آمنة هادئة منعمة، ورزقها هانئ كثير، ولكنها كفرت بأنعم الله فأبدلها الله بدل أمنها وطمأنينتها خوفا وبدل الرزق الوافر جوعا جزاء كفرها.

(قرية) بدل من (مثلا)، وهي مكان اجتماع الناس، ولا يلتفت إلى التقسيم المحدث في عصرنا حول المدينة والعاصمة والقرية، فهو مصطلح حادث ولا يفسر القرآن بناء عليه.
وتطلق القرية على الناس المجتمعين، (واسأل القرية التي ... ) (يوسف:82)، بغض النظر أقدرنا المحذوف: أهل القرية، أو قلنا: إن هذا مجاز مرسل، بل قد ذكر بعض أهل اللغة كالمبرد في كتابه (ما اتفق لفظه، ص:77) أن القرية تطلق على القوم أنفسهم. وقصده: تطلق دون تقدير لمحذوف أو القول بالمجاز.
وعلى كل فالسياق يبين المقصود من "القرية" أهو المكان أم الناس، ففي هذه الآية (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ... ) المقصود بالقرية الناس، أما في قوله تعالى (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا ... ) (البقرة: 58) فالمقصود المكان.
وأصل "القرية" مادة "قري" التي تدل على الجمع والاجتماع، يقال: قريت الماء في الحوض: جمعته. ومن هنا سميت القرية لاجتماع الناس فيها.
- قيل: إن هذه القرية هي مكة، وقد روى الطبري في (تفسيره14/ص186) عند تفسير هذه الآية أن ابن عباس قال عن القرية "يعني مكة" ولكنه سند لا يصح؛ لأنه من طريق عطية العوفي، وأما ما روي عن التابعين ومن بعدهم فهي آراء بحاجة إلى دليل، وإنما درست السند عن ابن عباس دون التابعين؛ لأن لقوله اعتبارا وإن لم يكن في هذا المقام بدرجة الحجية، ولكنه ترجمان القرآن واسمع لقوله رضي الله عنه قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم علمه الكتاب" (البخاري: 73)
والصحيح أن هذه القرية المضروبة مثلا هي قرية غير مكة، وضربت مثلا لتخويف كفار مكة ابتداء، وذلك لأن هذه القرية وصفت بأنها كافرة إذ كفرت بأنعم الله، ومكة أحب أرض الله إلى الله لم يصفها سبحانه وتعالى بصفة مشينة، ألا ترى - بارك الله فيك - كيف نزه مكة عن وصفها بالظلم في قوله تعالى (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ... ) (النساء: 75) فلم يأت النص "ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالمة" علما أن ذلك جائز لغة، ولو قيل "القرية الظالمة" لقصد أهلها، ولكن لتكريم مكة صرحت الآية بأن الظالم هو أهل مكة لا مكة.
ولو كانت مكة المقصودة بالقرية لقيل بناء على ما سبق "فكفر أهلها بأنعم الله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق